الرَّابِحونَ في موريتانيا اليوم
منذ أبَدِ الآبدين، وفي مشارقِ الأرض ومغاربها، ظلت الحربُ بين المفسدين في الأرض، وأمَمِ من الهُداة والدُّعاة والمصلحين، هي سنة الحياة.
والله وحده يعلم المصلحَ من المفسدِ، ويقدّر بأن ما ينفع الناسَ يمكث في الأرض، وغيرهم زَبَدٌ يذهبُ جفاءً، ويرْتَكِسُ ويندثرُ، مهما علا صَخَبُهُ، وكثُرَ نفاقُه وبهرجُه.
في موريتانيا، تغيّرت قواعد اللعبة منذ خطاب 1 مارس 2019. حكمت البلادَ قوةٌ هادئة، قوةٌ تعمل منذ عقودٍ في صمت، دون أذيةٍ للبشر أو الطيور، أو للشرائح أو القبائل أو الجيران، أو للطوائف، أو للقطاع العام أو الخاص، أو لأي شخص. حتى الصخابين في الأسواق السياسية، وعملاء السفارات والمنظمات الأجنبية، لم يسلموا من حلمها وسعة صدرها.
ظلت الرحمةُ والعقلُ المتوازن محلَّ إدراكٍ وإجماعٍ، وطنيًا وخارجيًا، فالقائدُ الجديدُ لموريتانيا يُنظر إليه بتقديرٍ واحترامٍ وإعجابٍ، دون رشوةٍ تحقَّقَ له ذلك، ودون رهبةٍ بسطَ الأمنَ والأمان.
أصبحت موريتانيا صوتَ الحقِّ في نصرة حقوق الأفارقة وغزة، فلا غالب إلا الله، ولا رؤية لسلامٍ في القارات الخمسِ بالقوة السالبة، ولا مجال لمن يتحدث بوجهين، ويتكلم بلسانين، ويبغي النفع الخاص على النفع العام.
الرابحون اليوم في موريتانيا؛ هم المستفيدون من التأمين الصحي، والأمان في مجالاتِ التشغيلِ والزراعة وبناءِ المصانعِ والجامعاتِ، ومن الاقتصادِ الاجتماعي الموجّه لبناء مجتمعٍ متآزرٍ، مُجتمعِ أخوةٍ بلا غبن، ومحبةٍ بلا كراهية.
اختفت، منذ انتُخب هذا الزعيمُ الخَلوقُ، لغةَ التَّخوينِ والتجريحِ، وتصفية الحساباتِ، والتلاعب بالأرقام والشعارات. ربح الموريتانيون الخروجَ من حقبٍ من الصراعات والحملات المظلمة لنفس جماعات الضغط ونفس زُمر الفساد، التي جلبت نماذجَ من الانقلاباتِ، ومن القياداتِ التي خسرنا فيها جيلين من الصراعاتِ العبثيةِ والحملاتِ المضللة.
تخطو البلاد منذ بدأت في مسار الإجماع والنماء، ليس فقط في مجال محاسبة المغرضين والمفسدين بتؤدة، بل في البحثِ المتأني عن صنوفِ الأداء ورجالِ الأفعال لا الأقوال.
موريتانيا تتقدم نحو تجديدِ الطبقة السياسية، وهذا يغيظُ المفسدين حقًا، وكذلك حراس الهوية والحوزة الترابية، يجري تغيير جذري فوق السطح وفي الأعماق، وهذا أيضًا يجلب صخب “الغثاء”.
تارةً تمطر السماء على أهل غزة، فينتصر المؤمنون بحقوقهم ودمائهم، يُشاهد ذلك على الكرة الأرضية بلا مراءٍ ولا جدال. وهنا، في أرض عناقِ المحظرةِ والمئذنة، طُويت صفحةُ المستهزئين، وبدأت أعوامُ النماء والأمن والعمران.
علم ذلك من علمه، وجهله أو تجاهله من جهله.
ستُصانُ الحقوقُ بإذن الله، وسيرى المرجفون في المدينة أن الحربَ على الفسادِ لم تَنْتَهِ، بل بدأت،
والرابحون فيها هم أهل موريتانيا، لا أهل فلان أو علّان.
بقلم: الأستاذ محمد الشيخ ولد سيد محمد
كاتب صحفي/
مدير قناة موريتانيا المستقلة (قمم)
مدينة وادان 20 / 10 / 2025